فقه الجهاد عند ابن عثيمين .. عندما ينطق الراسخون

كثير من الكُتّاب والمثقّفين تكلموا في أبواب الجهاد، إلا أن كلامهم لا يُشبع طلاب العلم من جهة، ولا يُقنع المنحرفين في تلك المسائل من جهة أخرى، وذلك أن البلاء ينتج (غالباً) من خوض من لا يحسن فيما لا يحسن على وجه لا يحسن، لذا؛ رأيت من المناسب إيراد كلام أحد أهل العلم الأكابر وهو صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله، مع شئ يسير جداً من التوضيح

الكلمة الأولى: قال ابن عثيمين رحمه الله عن نصرة إخواننا المستضعفين في البوسنة والهرسك: (ولكن أنا لا أدري؛ هل الحكومات الإسلامية عاجزة؟ أم ماذا؟ إن كانت عاجزة فالله يعذرها، واللهُ يقول "ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله"، فإذا كان ولاة الأمور في الدول الإسلامية قد نصحوا لله ورسوله لكنهم عاجزون فالله قد عذرهم) المصدر "الباب المفتوح" مجلد 2 صفحة 284 لقاء 34 سؤال 990

* يستفاد من كلامه:
أن التارك للجهاد مع العجز: معذور
وأننا لا نُلام في ترك الدفاع عن المسلمين المستضعفين حال كوننا عاجزين عن معاونتهم

الكلمة الثانية: قال رحمه الله جواباً عن السؤال التالي: (ما رأيكم فيمن أراد أن يذهب إلى البوسنة والهرسك؟ مع التوضيح): (أرى أنه في الوقت الحاضر لا يذهب إلى ذلك المكان، لأن الله عز وجل إنما شرع الجهاد مع القدرة؛ وفيما نعلم من الأخبار والله أعلم أن المسألة الآن فيها اشتباه من حيث القدرة، صحيح أنهم صمدوا ولكن لا ندري حتى الآن كيف يكون الحال! فإذا تبيّن الجهاد واتّضح؛ حينئذٍ نقول: اذهبوا) المصدر الشريط رقم 19 من أشرطة "الباب المفتوح" من الموقع الرسمي للشيخ الدقيقة 26 الثانية 3

* يستفاد من كلامه:
أن جهاد الدفع تشترط له القدرة
أن مناصرة المسلمين ومساعدتهم لا تكون إلا حيث كان لدى المسلمين القدرة على تلك المناصرة
أن الجهاد لا يكون إلا إذا اتّضحت الصورة ووضحت الرؤية

الكلمة الثالثة: قال رحمه الله عن الجهاد: (لكنه كغيره من الواجبات لا بدّ من القدرة، والأمة الإسلامية اليوم عاجزة، لا شكّ عاجزة، ليس عندها قوة معنوية ولا قوة مادية، إذاً يسقط الوجوب عدم القدرة عليه "فاتقوا الله ما استطعتم") المصدر شرح "رياض الصالحين" مجلد 3 صفحة 375 أول كتاب الجهاد ط المصرية

* يستفاد من كلامه:
أن الجهاد لا بدّ له من القدرة
أن الأمة الإسلامية اليوم عاجزة
أن عجز الأمة الإسلامية من الجهتين: المادية والمعنوية
أن وجوب الجهاد يسقط عن الأمة في حالة عدم القدرة

الكلمة الرابعة: قال رحمه الله عن الجهاد: (لكن الآن ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار؛ حتى ولا جهاد مدافعة) المصدر "الباب المفتوح" مجلد 2 صفحة 261 لقاء 33 سؤال 977

* يستفاد من كلامه:
اشتراط القدرة على جهاد الدفع
التأكيد على عجز الأمة الإسلامية (الآن) عن مواجهة الكفار

الكلمة الخامسة: قال رحمه الله عن الجهاد: (إنه في عصرنا الحاضر يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسيف ونحوه، لضعف المسلمين ماديًّا ومعنويًّا، وعدم إتيانهم بأسباب النصر الحقيقية، ولأجل دخولهم في المواثيق والعهود الدولية، فلم يبق إلا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة) المصدر مجموع فتاوى الشيخ مجلد 18 صفحة 388 

* يستفاد من كلامه:
أن الجهاد بالسيف متعذّر في العصر الحاضر
أن لهذا التعذّر أسباباً على منها: الضعف المادي، والمعنوي، وعدم قيامنا بأسباب النصر الحقيقية، ودخول ولاة الأمور في العهود والمواثيق التي تقتضي الكفّ عن الأعداء
أنه يجب الالتزام بميثاق ولي الأمر
أنه لا جهاد في العصر الحاضر إلا جهاد العلم والدعوة

ختاما: ماذا يقول المتحمّسون عن أي طالب علم أو داعية يقول مثل كلام الشيخ ابن عثيمين؟ ألا تراهم يصفونه بأبشع الأوصاف؛ الجبن، والخيانة، والعمالة، والخبث، والتخذيل؟ فإن كان الشيخ على رأس الخونة المخذّلين العملاء (وحاشاه) فتلك مصيبة، وإن لم يكن كذلك؛ فالذي يقول بمثل قوله لا يستحقّ هذا الذم والتشنيع

أن التعقّل وضبط الجهاد بالأدلة الشرعية ليس تخذيلاً ولا تهويناً من مكانة الجهاد في الإسلام، ولا إضعافاً لمعاني العزة، ولا تغييباً للكرامة الإسلامية

هناك 5 تعليقات:

  1. بارك الله فيك يا شيخ و جزاك الله خيرا.

    ردحذف
  2. نفع الله بك المسلمين / جزاك الله خير

    ردحذف
  3. بارك الله بعلمكم

    ردحذف