كل شيء لم يعد يكفي الحاجة

فيما مضى كانت المئة ريال تكفي العائلة لأيام، واليوم الألف ريال لا تكفي شخصا واحدا

فيما مضى السيارة الواحدة تكفي احتياجات البيت وتخدم الجيران، واليوم تتزاحم السيارات عند باب البيت ومع ذلك يقوم السائق الأجنبي بمتطلبات الأم والأب

فيما مضى ليس في الحي إلا مسجد واحد بعيد، ويتسابق الأهالي على الصلاة فيه، واليوم في الحي أكثر من ثلاثة مساجد ومع ذلك؛ الصف الأول لا يكتمل

فيما مضى كانوا يقولون عن المرأة: غير متعلمة؛ وكان الحجاب لا يفارقها إلا عند النوم، واليوم ربما تأتيك الفتاة المتعلمة؛ وشعرها يلوح من وراء الحجاب

فيما مضى نعرف كل شيء عن جيراننا، حتى أخبارهم الخاصة، واليوم يسافر الجار، ويمرض، وربما يموت؛ ونحن لا نشعر

فيما مضى كان المعلم قدوة لطلابه، في كل شيء، واليوم نعجب من الطالب الذي لا يسخر بالمعلم، ونصفه بـ الطالب المثالي

فيما مضى ليس للبيت إلا هاتف واحد، ولا يرد عليه إلا الأب أو الأم، واليوم لدى كل فرد من أفراد الأسرة أكثر من هاتف، ومع ذلك لا يرد على اتصالات والديه

ثم نقول لماذا تغيّر المجتمع؟ فهل صحيح أن المجتمع تغيّر أم نحن الذين تغيرنا؟ هل صحيح أن الدنيا تغيرت أم أن النفوس هي التي تبدّلت؟ هل صحيح أن كل شيء لم يعد يكفي؟ أم أن الترف والبذخ وسوء التصرف هو ما ينزع البركة ويجعل الأشياء لا تكفي؟

من الذي يظلم زوجته وأولاده ويقصّر في حقهم ثم يتحدث عن المسؤولية؟ من الذي يكذب ويفتري ثم يتحدث عن الأمانة؟ من الذي يسخر ويتهكم بمن لا يروق له ثم يتحدث عن الاحترام؟ من الذي يطعن حتى في الأعراض ثم يتحدث عن الأخلاق؟

متى نلتفت لتقييم ذواتنا وتقويم سلوكنا ومجاهدة أنفسنا؟ متى نعترف أن قلوبنا ونفوسنا وعاداتنا وطبائعنا وأخلاقنا تغيّرت للأسوأ، إلا من رحم الله؟ 

صدق من قال: 
كافي تلومون الزّمان وعقرب الساعة يدور :: نفْس الشهر نفس السنة نفس الفصول الأربعة
إللي تغير واختلف صدق المبادي والشعور :: طيبة ملامحنا توارت تحت زيف الأقنعة
صرنا نحب المال من حب المظاهر والظهور :: نرفع مقام اللي معه ونهمّش اللي ما معه
صرنا نشوف اكتافنا لأهدافنا جسر العبور :: ونبيع "حتى لو كرامتنا" عـشان المنفعة
الفقر يملانا جزع والمال يملانا غـرور :: وان ما خدم "حبل المودة" مصلحتنا نقطعه
كانت صغار بيوتنا بس السعة وسط الصدور :: واليوم نسكن في السعة بصدور ما فيها سعة

للأمانة: فكرة المقال وصلتني عن طريق الواتساب، شكرا لصاحب البرودكاست ولقائل الأبيات

هناك 8 تعليقات:

  1. بيّض الله وجهك ابو عبدالرحمن .. سلمت الأنامل
    طبعاً لابدّ من نشره بقوّة
    المقال مؤثر و بوقته
    مثل عادتك يا شيخنا
    الله يحفظك و والديك

    ردحذف
  2. اشكرك مقالة رائعة والحمد لله

    ردحذف
  3. جزاك الله خيراً .. وزادك هدى وتوفيقاً..
    وهداك للحق ووفقك إليه وثبتك عليه

    ردحذف
  4. بارك الله فيك أخي الحبيب الشيخ بندر المحياني وجزاك الله خيرا ونسأل الله القبول منا ومنكم واﻷخلاص في القول والعمل والثبات على منهج السلف الصالح

    ردحذف
  5. كلام صائب لكن هل من رجعة ولو بنسبة بسيطة

    ردحذف
  6. كلام من ذهب الي من ذهب جزاكم الله خيرا ابا عبدالله

    ردحذف