بعد انقطاع


انقطعتُ عن التواصل الاجتماعي مدّةً ثم عدْتُ، ولا يزال الحالُ على ما كان عليه، وكأني لم أغب أكثر من أسبوع

طبيبٌ لم يُشْفَ من داءِ العظمة.. يتحدّثُ في كل شيء، يُنظّر في كل فنّ، ‏يخوض في كل أمر..  الدين، السياسة، شؤون العالم... ومؤخّرًا: مآسي المسلمين ، ‏يُصادم باستمرار؛ لأنه المثقّف الوحيد على وجه الأرض، والمُطالب بتثقيف البُلهاء والغوغائيين، ‏الذين يمثّلون (في نظره) الجزءَ الأكبر من سكان المعمورة

مُجَوِّدٌ يعشق غرائبَ الأمور، اعتادَ الشهرةَ حتى أدمنها، ‏والنجوميةَ حتى وقع في شِراكِها، فأصبحتْ هدفًا له، ‏يتنفّسُها، ‏بل: يفخر ويهذي ويقتاتُ بها.. ‏بالتهكّم، بالسخرية... أو حتى بتغريداتٍ تُثير الرأيَ ضدّه! ‏المهم أن يُلاكَ اسمُه على الألسُن، بالخير أو الشر؛ لا فرق

مفكّرٌ ينزلُ كلّ يومٍ درجةً، ‏ليكسب وُدّ فئة من المثقّفين، ‏ويحظى بإشادة عصابة من الإعلاميين، وما درى أن لقب (التنوير) الذي سعى إليه، ‏ليس شهادة تخلّص من الفكر (الظلامي) كما يقول، ‏بقدر ما يُعَدُّ إعلانَ براءة من دِيْن الصحابة والتابعين، وأحاديث البخاري ومسلم، وعِلْم مالك والشافعي

جميع مَن سبق وقع ضحية تصوّرات فاسدة..

‏فأوّلهم ضحية لُغة الـ (أنا).. فـ (أنا) عرّابُ الثقافة، و(أنا) مَلِكُ الفلسفة، ‏أما (أنتم)! ‏فلا بدّ أن تتعلّموا كثيرًا ‏كي تفهوا أطروحاتي الراقية (جدًا)

وثانيهم ضحية (الثقة الزائدة).. ‏بعقله، ‏بذكائه، ‏بمقدرته على إفحام الآخرين! ‏من أراد مبارزتي ‏فـ لـ (يُمنشنني)، ومَن جادلني فلا يلومنّ إلا نفسه

وآخرُهم ضحية الوَلَع بـ (التطوير)، ‏والركض وراء (التجديد)، ‏فباتَ يُنادي بـ (التنوير) الذي يقصد به نفسَه، ‏ويلعنُ (الظلام) الذي يرمي به خُصومَه، ‏فرِحًا بإشادات فئة من المثقّين ‏تُرحّب بمَن يهدم الثوابت، وعصابة من الإعلاميين ‏تُصدّر مَن يُحقّق أهدافهم

ختاما.. اعلم : ‏أنّ تديّنك واستقامتَك، ‏ليس مسؤولية عالم ولا حاكم، ‏(بل هو مسؤوليتك أنتَ)! تثقّف في دينك.. بنفسك، وحافظ على عقيدتك.. بنفسك، وتمسّك بمبادئك.. بنفسك، ولا تنتظر من الآخرين ‏تثبيتك على الهُدى ‏وإرشادَك للحقّ، وكن مستعدّا للعيش في زمنِ كثرة المُضلّلين، فالباطل مستمر، والحقّ عليه نورٌ

أستودعكَ الله، وأستودع اللهَ دينَك